الدرس اللغوي : الثانية باك أداب
الــــتـــــوازي
الأمثلة:
1- قال البارودي يصف حديقة:
فإذا نظرت ففي السماء غمَامَةٌ ¯ تَدِقُّ الجُمان وفي الفضاء غديرُ
وإذا أصخت فللبلابل نغمـــــــةٌ ¯ تُشْجي الخَليَّ وللحمـام هديــــرُ
2- وقال أيضا مفتخرا :
أنا المرءُ لا يثنيه عن دَرَكِ العلا ¯ نَعيمٌ، ولا تغدو عليه المفَاقــــِرُ
قؤولٌ وأحلام الرِجال عوازب ¯ صَؤُولٌ ، وأفواه المنايا فواغــرُ
3- قال أبو القاسم الشابي :
ولعلعةُ الحقِ الغضوبِ لها صدٌ ¯ ودمْدَمة الحرب الضَّروس لها فَمُ
4- وقال أيضا :
في ظلام الكهوف أشباحُ شؤْم ٍ ¯ وبهذا الفضــاء أطيــاف نَحْــسٍ
5- قال عبد الرحمن شكري :
يـا ريح أيُ زئير فيك يفزعني ¯ كما يروِع زئير الفاتك الضــاري
يا ريح أي أنين حَنً ســامعــه ¯ فهل بليتِ بفقد الصًحب والجـــار
يا ريح مالكِ بين الخلق موحشَة ٌ¯ مثلُ الغريب غريبِ الأهل و الدار
6- قال المتنبي مادحا سيف الدولة:
وقفتَ وما في الموت شك لواقفٍ ¯ كأنك في جفن الرًدى وهو نائــــم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمـــــة ¯ ووجهك وضاح وثغرك باســـــم
7- قال جبران خليل جبران :
الخيرفي الناس مصنوع إذا جبروا¯والشر في الناس لا يفنى وإن قبروا
- ملاحظة الأمثلة:
المثال الأول: الشاعر حقق جمالية شعرية وإيقاعية لا جدال فيها ،وإذا تأملنا في البيتين
نجد جمالية أخرى تتحقق من خلال التوازي الحاصل بين الحروف (ف/و) والكلمات
(نظرت /أصخت،السماء/البلابل، غمامة/نغمة، تدق/تشجي...)
والعبارات (كل شطر في البيت الأول يوازي نفس الشطر في البيت الثاني)
استنتاج : التوازي هو التشابه القائم على تماثل بنيوي في بيت شعري أو أبيات شعرية .وعادة ما يكون التشابه بين المتوازيين باعتبارهما طرفين متعادلين في الأهمية من حيث المضمون والدلالة ، ومتماثلين من حيث الشكل في التسلسل والترتيب.
المثال الثاني: نجد البيت الثاني تحقق في التوازي بين الكلمات (قؤول/ صؤول،أحلام/أفواه،الرجال/المنايا،عوازب /فواغر) وبتأمل هذا التوازي نكتشف وحدات صوتية تخضع لانسجام صوتي، لتقاربها في المخرج أو الصفة وهذا ما يعرف بالتوازي الصوتي.
استنتاج: إن عنصر الانسجام الصوتي يساهم في إغناء الطاقة التخييلية للشعر .وعندما تتردد عناصر هذا الانسجام الصوتي ، بصورة كلية أو جزئية ،وتكون متوازنة في إيقاعها ومتماثلة في بنيتها الشكلية نسميها التوازي الصوتي
المثال الثالث و الرابع: في المثالين نجد أيضا التوازي على مستوى الحروف والكلمات والعبارات ،وبملاحظة المستوى التركيبي نجده يخضع لتواز محكم ودقيق ،ففي المثال الثالث نجد في الشطر الأول:حرف+اسم+اسم +صفة+جار ومجرور+اسم ،نفس التركيب نجده في الشطر الثاني من نفس المثال،وهذا ما يعرف بالتوازي التركيبي
التام.
أما المثال الرابع فالشطر الأول متواز تركيبيا مع الشطر الثاني إلا أن هذا الأخير يبدأ بحرف لا يوجد في الشطر الأول ويسمى بالتوازي التركيبي الجزئي.
استنتاج: التوازي التركيبي نوعان
التوازي التركيبي التام : ويكون عندما تتساوى عناصر البيت في بنيتها التركيبية وتتفق في الوظائف النحوية والصرفية التي تؤديها.
التوازي التركيبي الجزئي :ويكون بالتطابق بين عناصر ومتواليات الطرفين المتوازيين في البنية النحوية ،مع اختلاف في بنيتهما التركيبية ، بالزيادة أو بالحذف أو بالاستبدال.
المثال الخامس:نجد الأبيات الثلاثة تتمركز حول بؤرة واحدة "يا ريح"فهي إذن تشترك في المعنى الدلالي أي تواز دلالي يتمثل في تطابقالبنية النحوية والصرفية التي تؤدي نفس المعنى الدلالي أي النواة المعنوية.
استنتاج: التوازي الدلالي يتحقق باشتراك الكلمات في نفس المعنى الذي يتولد في ذهن التلقي عبر ما يوحي به التقابل والتجاور بين الكلمات من معان ودلالات.
المثال السادس:المتنبي استعمل كلمات مترادفة(الموت/الردى،كلمى/هزيمة،وضاح/باسم)فالتوازي قائم على الترادف.
استنتاج:التوازي بالترادف هو تشابه بين عنصرين متتالين لإثبات نفس المعنى الدلالي،ويكون بصيغة تعبيرية مختلفة شكلا ومتفقة مضمونا.
المثال السابع:الشاعر جبران استعمل التوازي بالتضاد ( الخير≠≠الشر،مصنوع≠≠ لا يفنى )
استنتاج: التوازي بالتضاد تشابه بين طرفين متعادلين ومتتاليين على مستوى البنية التركيبية ،ولكنهما متقابلين تقابلا ضديا من حيث دلالة تلك العناصر.
خلاصة عامة:
تعريف التوازي:
التوازي هو التشابه القائم على تماثل بنيوي في بيت شعري أو أبيات شعرية .وعادة ما يكون التشابه بين المتوازيين باعتبارهما طرفين متعادلين في الأهمية من حيث المضمون والدلالة ، ومتماثلين من حيث الشكل في التسلسل والترتيب.
ويشترط في التوازي عنصر التوالي دون وجود فاصل بين الجمل المتوازية.
أنواع التوازي:
ينقسم التوازي إلى ثلاثة أنواع :
أ ـ التوازي الصوتي ب ـ التوازي التركيبي(تام وجزئي) ج ـ التوازي الدلالي
صيغ التوازي:
يتحقق التوازي بصيغتين: ـ التوازي بالترادف ـ التوازي بالتضاد
التكرار
الأمثلة:
1ـ قال محمد الحلوي:
يا بلادي هواك ينساب في قلبـــــي انسياب الدماء في الأجســـــــــــــاد
ملءَ قلبي وملءَ أنفَاسي الوَلْهَـــــ ى وملء الفضَاءِ و الأبعَـــــــــــــــاد
يا بلادي وليس أشهى إلى نفسي وأحلى منْ أَنْ أُنَادِي يا بــــــــــــلادي
2ـ قال البحتري:
صُُُنت نفسي عما يدنس نفسي وترَفعْتُ عن جَدَى كُلٍ جِبْــــــــــــــسِِ
وتماسكت حين زَعْزَعَنِي الدًهْـــر التِمَاسا منه لتعسي و نَكســـــــــــــي
3ـ قال محمد الشنكيطي:
لِلًهِ لِلًهِ ما أبهـــــــاك مكنــــــــــاسُ خِصْبٌ وَرَخْصٌ وأغراسٌ وأعْـــرَاسُ
مَكْناسُ مَا نظرتْ عيني نظيرتَهَـــا أرضٌ هي الأرضُ بلْ ناسٌ همُ النًاسٌ
ما مر منها امرؤ إلا ومر بــــــــه ريح هو المسك أنفاس بأنــــــفاس
4ـ قال عبد الكريم الطبال:
ليتني كنت دمعةً في جُفُونِ العُشْـــ ــبِ ألهو مع الهَبَاء والضِيَـــــــــــــاء
ليتني كنت بسمة في فم الفجـــــــــ ـــر فأُجْلِي الظلام عن دُنْيَــــــــــــــاء
ليتني كنت عشبة في ضفاف النهــ ــر أسْلُو برقصة الأفْيَــــــــــــــــــــاء
5ـ قال اسماعيل صبري:
طَرَقتُ الباب حتى كَلً مَتْنِــــــــي ولما كَلً مَتْنِي كَلًمَتْنِـــــــــــــــــــــــــــي
فقالت لي أيا إسماعيل صَبْــــــرا فقلت لها أيا أسْمَا عِيلَ صَبْــــــــــــرِي
- ملاحظة الأمثلة:
المثال الأول:في هذا المثال نلاحظ ورود نفس الحروف(س ـ ق ـ ب)والكلمات (يا بلادي ـ قلبي ـ ملء )مرتين أو أكثر، وهذا ما يعرف بالتكرار ،ويكون في الحرف أو اللفظ أو العبارة ولكن يختلف المعنى وإن تعدد التكرار،وهذا ما يعطي للتكرار وظيفة تأكيدية.
المثال الثاني: بملاحظة المثال الثاني نجد أن حرف السين تكرر سبع مرات في البيتين ، وهذا النوع من التكرار يسمىالتكرار الحرفي مما يؤكد الحالة النفسية التي يعيشها الشاعر ، إضافة إلى الوظيفة الإيقاعية التي يمثلها.
المثال الثالث: بالإضافة إلى التكرار الحرفي (السين)نجد تكرارا لفظيا (لَله ـ مكناس ـ أرض ـ الناس ـ مرـ أنفاس )
وهو يقوى المعنى الدلالي الذي يرمي إليه الشاعر من خلال تجربته.، والوظيفة هنا تأكيدية أولا.
المثال الرابع: نتجاوز مع المثال التكرار الحرفي والتكرار اللفظي لنكتشف تكرار عبارة بكاملها (ليتني كنت )، وهو تكرار يفيد رغبة الشاعر في التحول وإن كان مستحيلا ، ولكنه تمني يؤكد بتكراره أنه غير راض على وضعه الآني.وهو تكرار يضيف إلى الوظيفة التأكيدية وظيفة إيقاعية من خلال تكرار ألفاظ بعينها بنوع من التوازي الصوتي.
المثال الخامس:في هذا المثال نجد التكرار اتخذ طابعا تمويهيا وهو ما أضفى صبغة تزينية فالتكرار الحرفي يوحي بتكرار لفظي مما يعطي بعدا موسيقيا جماليا وإن اختلفت الألفاظ دلاليا ( كل متني ـ كلمتني، إسماعيل ـ أسما عيل).فالتكرار إذن تكرار تزيني له وظيفة إيقاعية.
خلاصة عامة:
تعريف التكرار:
التكرار ظاهرة موسيقية ومعنوية تقتضي الإتيان بلفظ متعلق بمعنى ، ثم إعادة اللفظ مع معنى آخر في نفس الكلام.
أنواع التكرار :
يتحقق التكرار عبر عدة أنواع:
1ـ تكرار الحرف : وهو يقتضي تكرار حروف بعينها في الكلام ، مما يعطي الألفاظ التي ترد فيها تلك الحروف أبعادا تكشف عن حالة الشاعر النفسية.
2ـ تكرار اللفظة: وهو تكرار يعيد نفس اللفظة الواردة في الكلام لإغناء دلالة الألفاظ ، وإكسابها قوة تأثيرية .
3ـ تكرار العبارة أو الجملة: وهو تكرار يعكس الأهمية التي يوليها المتكلم لمضمون تلك الجمل المكررة باعتبارها مفتاحا لفهم المضمون العام الذي يتوخاه المتكلم.إضافة إلى ما تحققه من توازن هندسي وعاطفي بين الكلام ومعناه.
أغراض التكرار ووظائفه:
1ـ الوظيفة التأكيدية: ويراد بها إثارة التوقع لدى التلقي ، وتأكيد المعاني وترسيخها في ذهنه.
2ـ الوظيفة الإيقاعية: فالتكرار يساهم في بناء إيقاع داخلي يحقق انسجاما موسيقيا خاصا .
3ـ الوظيفة التزينية: وتكون بتكرار ألفاظ مختلفة في المعنى ومتفقة في البنية الصوتية،مما يضفي تلوينا جماليا على الكلام.